المدارس الفنية في السودان

الكاتب:
ثريا صالح
صورة تجمع كمالا إسحاق، إبراهيم الصلحي، و ؟ - المصدر: المصادر المفتوحة

اتسمت حركة الفنون الحديثة في السودان بالتوجهات المدرسية، وهي حراك فني يتسم بتوجه فلسفي وموضوعي موحد ينظر للفن كمنتوج للفكر والحراك الثقافي، وتتسم التوجهات المدرسية المختلفة بشيء من الوحدة في الموضوع، والطريقة التي تتم بها معالجة العمل الفني.

مدرسة الخرطوم أول التوجهات المدرسية، واكتسبت اسمها من وصف أستاذ الفنون الجميلة الجاميكي دينيز وليامز. لم يكن توجهها أسلوبي بل موضوعي ويمكن أن ينظر لها كجزء من حراك الغابة والصحراء الذي تبنى فلسفة ازدواجية الهوية السودانية تتمثل في الغابة (الافريقانية) والصحراء (العروبة) وهو ما يتجلى بوضوح في الجمع بين الرموز و الأشكال والنقوش وكذلك الألوان التي ترمز الأفريقانية ومزجها مع الحرف العربي لدى فناني مدرسة الخرطوم.

عثمان وقيع الله - تاريخ غير معروف - عنوان غير معروف - المصدر: المصادر المفتوحة على فيسبوك Facebook

عكست هموم الفنانين، والمثقفين في تلك الفترة بهموم وقضايا الهوية الثقافية والوطنية، وهو انعكاس طبيعي للظروف التي نشأت فيها في أعقاب الإستعمار وبدايات تشكل الدولة السودانية الحديثة وهويتها القومية والوطنية والثقافية.

إبراهيم الصلحي - أصوات أحلام الطفولة المولودة من جديد - طلاء المينا والطلاء الزيتي على القطن - مجموعة متحف التيت بلندن - المصدر Tate Modern Art Museum Tate Modern Art Museum Collection

ويقول د. راشد دياب أن مدرسة الخرطوم تشكلت بعد عودة روادها ومؤسسيها من دراساتهم العليا في الغرب وهو ما قادهم للبحث عن هوية ثقافية قومية ووطنية، فتشكلت من تأثرهم بتيار الأفريقانية الذي كان توجهاً رائجاً في تلك الفترة. من أميز فناني مدرسة الخرطوم إبراهيم الصلحي، وأحمد شبرين.

Kamala Ibrahim Ishaq – Two Women (Eve and Eve) – 2016 – Oil on canvas – Source: Flash Art

تلتها المدرسة الكريستالية، وتعرف كذلك بالمدرسة البلورية، تتلخص فلسفتها في وحدة الكون والمخلوقات والشفافية. وجاء في البيان الذي وقع عليه كل من كمالا إبراهيم إسحاق، نايلة الطيب، و محمد حامد شداد أنهم يفضلون الرؤية على الحرفية بل ويعارضون التيار الذي يدعو بجعل الحرفة معياراً.

كمالا إبراهيم إسحاق - ركب جماعي (زار) - ٢٠١٥ - ألوان زيتية على كانڤس - مصدر الصورة Flash Art Flash Art

تأخذ الكريستالية منهج الازدواجية في الرؤية –متمثلة في رؤية الأشياء من خلال البلور– وهو ما يرمز إلى طبيعة الكون والوجود كما أشار فنانوا التيار الكريستالي، ومن خلال هذه النظرة الازدواجية تنفي الكريستالية الطبيعة الجوهرية للأشياء. هذه الازدواجية الداخلية الخارجية تخلق دائرة متواصلة من التمازج بين الداخل والخارج، الظاهر والباطن، العام والشخصي وهو ما يمكن ملاحظته بصورة واضحة جداً في أعمال الفنانة كمالا إسحاق.

بناء على مكتسبات التوجهات المدرسية السابقة، نشأت مدرسة الواحد كتوجه يعبر عن الأفروعربية مع التشديد على الهوية الإسلامية مستمدة إلهامها ومقاصدها الجمالية من التوحيد الإلهي. ظهرت عام ١٩٨٨ بقيادة الفنان أحمد عبد العال، كما وقع على بيانها إبراهيم محمد العوام، محمد حسن الفكي، محمد عبدالله عتيبي، وأحمد حامد العربي.

أحمد حامد العربي - نحت - عنوان غير معروف - تاريخ غير معروف - مصدر الصورة: المصادر المفتوحة

وجاء في البيان أن لا قيمة للإبداع الفني دون قاعدة حضارية ومن هذا المنطلق، يرى الموقعون على البيان أن توجههم التشكيلي يتخذ من الدين الإسلامي تراثاً حضارياً يستمدون منه إبداعهم.

يمكن لمس التأثير القوي لمدرستي الخرطوم والحركة الكريستالية في أعمال فناني مدرسة الواحد عبر توظيفهم للخط العربي كما في مدرسة الخرطوم وفي فلسفتهم التي تتبنى مفهوماً كلياً للكون يقر بالترابط بين الزمان والمكان والماضي والحاضر.

محمد عتيبي - بدون عنوان - (المرأة الطائر) - ٢٠١٩ - ألوان أكريليك على كانڤس - ٦٠*٩٠ - مصدر الصورة Circle Art Gallery Circle Art Gallery

إنتهى التوجه المدرسي وحل محله التوجه الحركي الذي يصفه د. عبدالله بولا بأنه دال على التعدد ومشروعية الإختلاف، ومن أهم الحركات الفنية هي الحركة الجمالية التي من أهم مؤسسيها د. عبدالله بولا نفسه ود. حسن موسى من ضمن آخرون.

ملحوظة: الصور مأخوذة من مصادر مفتوحة، وكل الحقوق تعود للفنانين وأصحاب أرشيفاتهم الخاصة.

المصادر:

  • قرن من الفنون البصرية الحديثة في السودان – د. محمد عبدالرحمن حسن
  • الفن التشكيلي في السودان – د. راشد دياب
  • سمات الطبعة الفنية في المدرسة السودانية – أمنية ممدوح يوسف محمد
تصفح مقالات اخرى
حسّان الناصر

ابحث عن فنانين، أعمال فنية، أو كتب

  1. Under this agreement, I hereby grant permission to the Sudan Art Archive to utilize the information provided about me and my works for the purpose of documenting the history of Sudanese art. The Muse Multi Studios will retain this information and share it as part of its artistic archive online and in relevant publications.
  2. I acknowledge that The Muse Multi Studios and the Sudan Art Archive may include information about me and my artworks from online platforms as part of their digital archive. I hereby express my consent to The Muse Multi Studios to utilize publicly available information from the internet for this purpose.
  3. I affirm that I will not hold The Muse multi studios or the Sudan Art Archive accountable for any claims or disputes arising from the ownership or accuracy of the provided information.